عند قراءة القرآن الكريم، من المهم أن تنتبه إلى ما إذا كانت السورة التي تقرأها مكية أم مدنية. ربما تسأل نفسك: "هل هناك فرق بينهما؟" والإجابة هي: نعم، هناك فرق
ما الفرق بين السورة المكية و المدنية
الشيخ الشعراوي رحمه الله قال إن التفريق بين السور المكية والمدنية يمثل نصف عملية التدبر. كيف ذلك؟ السور المكية تركز بشكل رئيسي على العقيدة، فتتناول شرح مقاصد الدين بشكل عام، وتبرز الفارق بين الشرك والتوحيد. كما تتحدث عن مشاهد يوم القيامة، وتُظهر نظرة الله إلى القلوب والصدور والنوايا
بالإضافة إلى ذلك، تسلط السور المكية الضوء على صفات الله وقدرته، وتقدم ملخصًا موجزًا لرسالة الإسلام كرسالة خاتمة للرسالات السماوية السابقة. المخاطب الأساسي في السور المكية هم المشركون والكفار
السور المدنية تركز بشكل رئيسي على الأحكام، حيث تقدم شرحًا لتفاصيل العبادات ومعالمها وطرق أدائها. كما تفرق بين مفاهيم الإسلام والإيمان والإحسان والإخلاص. تحتوي هذه السور على مشاهد من عصيان الأمم السابقة، وتعرض بإيجاز الأخطاء التي ارتكبها أهل القرى وبني إسرائيل، وذلك لتكون عبرة لنا لنتجنب الوقوع فيها ونقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم ونعبد الله كما أمرنا.
أما المخاطب في السور المدنية، فهم المنافقون
الفرق بين السورة المكية و المدنية و القرائن المميزة لكل منهما
قد تسأل: "كيف يفرق هذا معي كقارئ للقرآن؟ فأنا لست شيخًا ولا متخصصًا في علوم الدين." والإجابة هي أن التفريق بين المكي والمدني يفرق كثيرًا. أولًا، معرفة الظروف الزمنية والمكانية لنزول الآيات تساعدك على استحضار الحالة والموقف لفهم السياق بشكل أعمق
عندما تدرك السياق الذي نزلت فيه الآيات، ستفهم لماذا تحدث الله عن العذاب في موضع والمغفرة في موضع آخر. هذا سيساعدك أيضًا على التمييز بين آيات الأحكام وآيات العبادات وآيات النهي. على سبيل المثال، ستفهم الفرق بين قوله تعالى: "لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى" وبين قوله: "حُرِّمَ عليكم الخمر والميسر". كذلك ستدرك الفارق بين قوله: "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم" وقوله: "ويحذركم الله نفسه" أو "إن عذابي هو العذاب الأليم"
أيضًا، تدبر معاني القرآن يتطلب فهم التسلسل الذي نزلت به الآيات. وهذا التسلسل ليس زمنيًا بقدر ما هو نفسي. قد تسأل: "كيف ذلك؟" الإجابة أن الحالة التي تعيشها أثناء قراءة سورة طه المكية تختلف تمامًا عن الحالة التي تتملكك أثناء قراءة سور مدنية مثل التوبة أو النور
الهدف إنك تفهم الفرق بين السور المكية والمدنية، مش مجرد قراءة وختم القرآن وانتهى، لكن إنك تتدبر الآيات وتعيش معانيها
إن قراءة القرآن في حد ذاتها شيء عظيم ومهم، حتى لو لم تتدبر كل ما قرأت ، لكن لماذا لا تقرأ و في نفس الوقت تاخد ثواب القراءة و ثواب التدبر. حتى لو تدبرت سورة واحدة فقط، يكون هذا أفضل بكثير من القرأة دون تدبر
معنى وصف السورة بأنها مكية أو مدنية
القرآن المكي هو ما نزل قبل الهجرة، والمدني ما نزل بعدها، بغض النظر عن مكان النزول. العلماء قد يختلفون في تصنيف بعض الآيات باعتبار الزمان أو المكان، لكن لا تناقض ما دامت الجهة مختلفة. المكي ركز على العقيدة ومواجهة الوثنيين، بينما المدني عالج التشريعات ومواجهة أهل الكتاب، خاصة اليهود الذين كانوا يضمرون عداوة للإسلام رغم ارتباطهم بدين السماء
ظاهرة النفاق ظهرت في المدينة بسبب قوة الإسلام، إذ لم يكن هناك نفاق في مكة بسبب ضعف المسلمين حينها. المدني اهتم بتنظيم المجتمع الإسلامي عبر التشريعات، مثل الحديث عن الربا والجهاد والأحكام الاجتماعية، بينما المكي ركز على الإيمان بالله واليوم الآخر، لتأسيس مجتمع إيماني
القرآن المكي له خصائص محددة، فهو يركز على ترسيخ الإيمان بالله واليوم الآخر من خلال الآيات. على سبيل المثال، إذا قرأت السور الأخيرة من القرآن الكريم كسورة عمَّ والنازعات والمرسلات، ستجد أن تركيزها على الإيمان بالله واليوم الآخر، وعلى الرد على المشركين والكفار، بالإضافة إلى ذكر الجنة والنار
أما القرآن المدني، فخصائصه مختلفة. فهو يركز على التشريعات العملية مثل الأحكام المتعلقة بالمعاملات، كقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه..."، إلى جانب الحديث عن المنافقين، حيث ظهرت ظاهرة النفاق في المدينة بعد تأسيس الدولة الإسلامية وازدياد قوتها. بينما في مكة، لم يكن هناك منافقون لأن الإسلام كان مضطهدًا، ولم يكن هناك حاجة للتظاهر بالإسلام.
لم تكن هناك حاجة لتحديد المكي والمدني في عهد النبي صلى الله عليه و سلم، لأن الصحابة كانوا على دراية بأماكن وأسباب نزول الآيات
كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: "ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت وفيما نزلت، ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه."
عند قراءة القرآن و تدبر آياته فان معرفة الظروف الزمنية والمكانية لنزول الآيات تساعدك على استحضار الحالة والموقف لفهم السياق بشكل أعمق

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق